سامي الطيب يكتب: تراجيديا العبث…

 

تراجيديا العبث…

سامي الطيب

 

 

التخبط، والعشوائية، والسفاهة التي تعامل بها الجيش مع دولة الإمارات تؤكد بشكل قاطع أن هذه المؤسسة ليست سوى ميليشيا، وستظل كذلك حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

 

ورغم استيلائها المتكرر على السلطة، وانقلابها عليها عشرات المرات، وفرضها لحكم الأمر الواقع لعقود طويلة، إلا أن العسكر لم يتطوروا، ولم يتعلموا، ولم يعقلوا.

 

لقد أثبتت دولة الإمارات، بهدوء العظماء وبالدليل القاطع، للعالم أجمع أن من يحكم السودان الآن ليسوا سوى “شماسة” وميليشيا، لا تختلف عن كتائب البراء أو جماعة “كيكل”. جيش مؤدلج أحرق الوطن بأكمله بسبب تبعيته الحزبية وعمالته للخارج.

 

أصبح هذا الجيش أضحوكة، يتراجع عن كل قراراته، ويخسر كل قضاياه أمام الإمارات، حتى على المستوى الأخلاقي. يتخبطون كتنين قُطع رأسه؛ لا يصدرون قراراً إلا وتراجعوا عنه، ولا يسيئون إلا وترتد إساءتهم عليهم. حطموا الدبلوماسية وخسروا أنفسهم، وصاروا مثار سخرية بين الأمم.

 

وبعد الفواصل الكوميدية التي كان يقدمها ود العطا ضد الإمارات، وسط تصفيق السذج وتأييد الكيزان الموتورين، واستمرارهم في وصفها بـ”دويلة الشر”، ومع شعارات من قبيل “لا سلّم الله الإمارات”، تبعهم البلهاء وضعاف العقول ليصل الانحدار إلى حد القول إن “نظام الصرف الصحي في جامعة الخرطوم أقدم من دولة الإمارات”—وفي الوقت ذاته يصدرون إليها الذهب! ثم يذهبون ليشتكوا الإمارات دولياً… ويخسرون بخزي.

 

ثم يتهمونها علناً بأنها وراء الطائرات المسيّرة التي تضربهم في عاصمتهم، التي هربوا إليها!

 

فيخرج أضعف وزير دفاع عرفه التاريخ بعد صمت طويل، بصوت مرتجف، باسم مجلس الأمن والدفاع، ليعلن قطع العلاقات وسحب السفارة و”الحرب” على الإمارات.

 

ويتبعه الناشط الأراجوز، وزير الإعلام في زمن الغفلة والنكسة، ليسب ويشتم الإمارات، وكأن الإساءة لها أصبحت مقياس الانتماء والولاء للحركة الإسلامية.

 

ثم يظهر البرهان، خلال أقل من 24 ساعة، ليتحدث عن كل شيء… إلا الإمارات! ينكر أنه كان حاضراً لاجتماع مجلس الأمن والدفاع، ويحلف بذلك!

 

ويطل وزير المعادن، عبر منشور في فيسبوك، لينفي أنه هو الجهة المسؤولة عن قرار وقف بيع الذهب للإمارات، ويؤكد أنه لا علاقة له باللجنة التي تصدر مثل هذه القرارات.

 

وفي النهاية، يتراجعون عن إغلاق السفارة في الإمارات ويواصلون عملها كأن شيئاً لم يكن.

 

إنها فعلاً تراجيديا العبث.

 

سامي الطيب

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.