علي أحمد يكتب: فضيحة خارجية “بورتكيزان” !
فضيحة خارجية “بورتكيزان” !
علي أحمد
تتوالى على سلطة الأمر الواقع في “بورتكيزان” خسائر دبلوماسية فادحة؛ فبعد أن أطاح فولكر بيرتس بالأحلام الصغيرة والآمال الطفيفة لوزير خارجيتها المُعيَّن من دولة أخرى في مؤتمر ميونخ للأمن، وبعد أن تمكّن رئيس وزراء حكومة الثورة المنقلب عليها من مخاطبة مؤتمر العون الإنساني رفيع المستوى، الذي انعقد على هامش القمة الأفريقية في العاصمة الإثيوبية (أديس أبابا)، بحضور الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس الاتحاد الأفريقي، ورئيس منظمة “إيغاد”، وبحضور دولي وأفريقي وعربي وإقليمي كبير، سارعت خارجية بورتكيزان بإصدار بيان شديد السخف (واللغوسة)؛ حيث أشار البيان إلى مقترح قال إنه تقدمت به دول أفريقية لإدانة قوات الدعم السريع ودعم خارطة طريق (لا أحد يدري عنها شيئًا)، قال إنها قدمتها حكومة الأمر الواقع لتشكيل حكومة مدنية انتقالية، فإذا بنا أمام مقترح تقدمت به مصر وجيبوتي فقط لإدانة الدعم السريع ولم يحقق نجاحًا، وأمام خطة (خارطة طريق) قدمتها الدولتان نفسيهما لجعل “البرهان” باقيًا بيننا وباغيًا علينا!
والفقرة الأكثر فضائحية في البيان هي: “ترحب وزارة خارجية جمهورية السودان بالموقف المصري والجزائري والجنوب أفريقي والإريتري والتونسي والمالي والصومالي والسنغالي والإيفواري والبوروندي والموريتاني والبوتسواني الداعم للسودان وشعبه.” – ولا يخفى على القارئ الفطن أن السودان وشعبه هنا تعني البرهان وكيزانه.
أي أن هناك، بحسب البيان، (12) دولة أفريقية تقف مع سلطة الأمر الواقع في بورتسودان، وإذا علمنا أن دول الاتحاد الأفريقي (55) دولة، منها (6) دول مجمدة العضوية بسبب الانقلابات العسكرية، من بينها السودان، يكون قد تبقى (49) دولة فقط، فإذا وقفت مع سلطة بورتكيزان (12) دولة من مجموع (49) دولة، تكون هناك (37) دولة أفريقية إما أنها تقف موقفًا مناوئًا لها أو محايدًا، فهل هذا يعني انتصارًا للدبلوماسية البورتكيزانية أم فضيحة وفشلًا ذريعًا مريعًا لها؟
ماذا إذا علم القارئ الكريم أن جمهورية أرض الصومال، التي يطلقون عليها غير المعترف بها، تعترف بها في الواقع (35) دولة في هذا العالم، فيما كانت تحظى مجموعة صحراوية قبل أعوام، لا تملك سوى قطعة قماش عبارة عن علم، تقودها جبهة (بوليساريو)، باعتراف (40) دولة حول العالم، أي أنهما يحظيان باعتراف دولي يمثل ثلاثة أضعاف ما تحظى به سلطة البرهان وكيزانه في بورتسودان!
إن حركة تمرد صغيرة في إحدى غابات أفريقيا أو صحاريها لكانت ستحظى بتأييد يفوق الـ(12) دولة التي تتفاخر بها خارجية بورتسودان، فيما كان عليها أن تبذل مزيدًا من الجهد لكسب دول الجوار، فمن بين (7) دول جارة حدودية خسرت هذه السلطة المعتوهة (5)، وتبقت لها اثنتان، إحداهما يمكن أن يتغير رأيها كلما تهافتت على المشهد الميليشيات الجهادية والجهوية.
صراحة، أدهشتني براعة خارجية بورتسودان في (طَبْز) عينها بإصبعها، أما كان عليها أن تصمت وتشعر بالحرج الشديد وهي ترى بأم عينها الاحتفاء والاستقبال اللذين حُظي بهما الدكتور عبد الله حمدوك، وكيف أقبلت عليه الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي و”إيغاد” ودول خليجية وأوروبية وآسيوية باحترامٍ ومحبة؟ لكن من يستقبل ويرحب بالبرهان الذي لفظته (37) دولة أفريقية من مجموع (49) دولة، وركلته (5) دول من (7) جارة؟! وقد حفي الرجل وهو يلهث بين شرق أفريقيا وغربها، فدول الساحل الأفريقي، ثم لا يجد من يتعاطف معه في الحد الأدنى الذي ذكره بيان خارجيته! وهذا فشل ما بعده فشل، وخزي ما بعده خزي، وعار ليس بعده عار.
بيان العار الصادر أمس الأول عن مكتب الناطق الرسمي وإدارة الإعلام بخارجية سلطة بورتسودان يمثل وثيقة تثبت عجز هذا الوزير (العجوز) ومُشغّليه الداخليين والخارجيين عن تطوير الأداء الدبلوماسي لخارجية حكومة الأمر الواقع، التي لا تحظى باعتراف ولا احترام معظم دول الجوار، دعك عن بقية الدول، حيث يتعامل معها الجميع باعتبارها عصابة إسلامية إرهابية متطرفة اختطفت الدولة من الشعب (الثورة)، وشنت الحرب على المدنيين، وأحرقت البلاد، وشردت سكانها في الآفاق، ومثل هؤلاء المجرمين لن يجدوا اعترافًا من أي دولة محترمة، وعليهم أن يكفوا عن تسوّل الاعتراف و(الجري والطيران) ويسلموا السلطة إلى الشعب كما نزعوها منه.
إنها سلطة ساقطة بكل المقاييس.