علي أحمد يكتب: من كيزانه يُؤتى البرهان

من كيزانه يُؤتى البرهان

 

علي أحمد

 

!*لم يكن صبيُّ الأواني المنزلية في حاجة إلى التعريض بتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدُّم) حتى يُمرِّر تحذيره المُبطَّن لقائد الجيش عبد الفتاح البرهان؛ فقد قال قائد مليشيا ما تُسمى بـ”البراء بن مالك”؛ الكيزانية الداعشية الإرهابية، خلال مخاطبته ثُلَّةً من جماعته المنبوذة أمس: “ما منتظرين بشر يقيم لينا عملنا”، ثم أقحم ما أطلق عليهم (القحاتة) في الأمر إقحامًا، فيما هو يقصد البرهان، فأردف: “ونقول للقحاتة إنكم ما شاغلننا”، وواصل: “نحن لا نقاتل من أجل منصب ولا سلطة وجاه”، ثم أطلق وصيته، وندعو الله أن تكون الأخيرة: “لازم نتحمل أذى القريب قبل البعيد، وبعد ما نحرر الخرطوم عندنا تحرير أماكن تانية”.

وهنا مربط الفرس، وفي هذه العبارة ستجد البرهان ماثلًا، عزيزي القارئ، وستعرف كيف أقحم هذا الصبي (قحت) إقحامًا، وهو يعني البرهان، الذي قالها صراحة ودون مواربة: “لا مكان للمؤتمر الوطني في الحكم على أشلاء السودانيين”، سواء كان ذلك باتفاقٍ مع جماعة كرتي التي يتبع لها هذا الصبي، لذر الرماد على العيون – ولا أعتقد ذلك- أم أن هناك خلافات عميقة تضرب تحالف الكيزان – برهان الإرهابي.

الرسالة مصوَّبة بدقة نحو قائد الجيش: “وبعد ما نحرر الخرطوم عندنا تحرير أماكن تانية نحررها”، وهذا، بجانب كونه اعترافًا علنيًّا بأن الخرطوم لم تتحرر بعد كما ظلوا يكذبون ويرددون ويروجون، فإنه تهديد مباشر موجَّه من المؤتمر الوطني المخلوع (جناح كرتي) على لسان صبي الأواني المنزلية نحو عصابة بورتكيزان، فحواه: سنحني رؤوسنا حتى تمر العاصفة البرهانية، ثم ننظم صفوفنا، وبعد أن نبسط سيطرتنا على العاصمة الخرطوم، فعلى قائد الجيش أن يُبلَّ رأسه.

وهنا لا ننسى ما قاله الداعشي اللص عبد الحي يوسف عن البرهان قبل عدة أشهر، بأن “البرهان أعجز من أن يقضي على الإسلاميين، فهم موجودون حتى في مكتبه”.

إن الحرب القادمة ستكون شديدة الوطأة ودموية أكثر مما يتصور البعض، لأن هذا التحالف الإرهابي المسلح الذي يقاتل ضد الدعم السريع بأسُه بينه شديد، لا أحد يثق في الآخر؛ فالبرهان لا يثق في “كيزانه” ، وهم كذلك، وحركات المرتزقة العابرة للدول تخشى أن تقلب قيادة الجيش لها ظهر المِجَنّ بعد أن تستخدمها في القتال، وهكذا الأمر بين الكيزان والحركات. أما مالك عقار وكيكل ومليشيات شرق السودان، فهي لا في العير ولا في النفير، لا أحد يأبه لها أو يأتي بسيرتها، لكن هذا لا يعني أنها لا تمثل خطرًا في المستقبل.

بطبيعة الحال، فإن الرسالة المبطنة التي أرسلها صبي الأواني إلى قائد الجيش، تشي بأن الخلاف بين الحليفين الرئيسيين اللذين أشعلا الحرب قد تبلور تمامًا، وأن وقوع الصدام المسلح بينهما مسألة وقت لا أكثر. والواقع أن قائد الجيش سيصبح في خطر داهم إن لم يحتط جيدًا؛ فينظف مكتبه من الكيزان الذين أشار إليهم المعتوه عبد الحي يوسف أولًا، ثم ينظف جيشه من الضباط الذين يدينون بالولاء للحركة الإسلامية أكثر من المؤسسة العسكرية، وما أكثرهم! ولكن هل يستطيع؟ وهل هو رجل كفء للقيام بهذا الأمر؟!

لكن السؤال الحقيقي هو: حتى إن نجح البرهان في تنظيف الجيش ومكتبه وبيته من هؤلاء الإرهابيين، فكيف سيتمكن من نزع الأسلحة الحديثة التي في حوزتهم، حيث استولوا على ما تبقى من أسلحة الجيش، ووضعوا أيديهم على أسلحة نوعية حديثة؟ بل هم الذين جاؤوا بها من إيران وهم من يستخدمونها الآن، ولربما يخصصون واحدة منها لتمزيق جسد البرهان إربًا إربًا، ثم يحكمون، ليس على أشلاء السودانيين فحسب، بل على أشلاء قائد الجيش نفسه. وهؤلاء لن يتوانوا في فعل ذلك، ولربما رأينا في يوم ليس ببعيد – إن لم يتحرك البرهان بسرعة شديدة ويتغدَّ بهم – سيتعشَّون به، ويتكرر ذات المشهد الذي حدث للرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح مع الحوثيين.

هل تذكرون ما حدث بين صالح والحوثي؟ إنه مشهد السودان بحذافيره، ولم يتبقَّ منه سوى رؤية جثة البرهان متعفنة في ذلك البيت على كورنيش بورتكيزان.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.