محمد صالح رزق الله: يكفينا نفاقا سياسيا
أن المتاجرة والتكسب السياسى بدماء ابناء وأهل السودان إينما وجدوا ، نعتبره ليس خطاً أحمر انما هو عملًا إجراميا خسيسا يجب التصدى له بكل حزم و قوة ، اذ يفوق تأثير فعله السلبى على الأوضاع الراهنة والتى هى أصلاً مأزومة ، محتقنة وملتهبة وقابلةً لانفلات الأمنى الذى لا يعلم أحدا الى مدى أي عمق سحيق فى هاوية الفوضى ، القتل والدمار سيوصلنا ، فى ظل وجود كل العوامل الظرفية والمكانية والنفسية التحفيزية التى لها لقدرة السحرية الجنونية على قلب الواقع إلى جهنم دموية حقيقية على كل ارض السودان ً من يتبضعون هذه الايام على حساب أمن وتماسك النسيج الاجتماعي السوداني وفى احرج مرحلة تمر بها البلاد فى تاريخها الحديث . ما يفعلونه ؟ انها الفتنة ! نائمة لعن الله من أيقظها أنها أشد من القتل ! . واليعلم القاصي والداني أن
ما حدث فى الجزيرة بعد دخول الجيش والقوة
المساندة له ، إلى عاصمة الولاية (ود مدنى) ليس بحادث معزول او نبت شيطاني ، وهنا لايفيد الرفض والاستنكار له وكفى لان ذلك لن ينصف المجنى عليه ولايردع مرتكب الجرم ؟ هذا الفعل الشنيع الذى تم ، هو نتاج طبيعي لترسبات تاريخية لما فعلته عقيلة الايدولوجية العربواسلاموية فى ارض السودان وشعوبه الاصيلة ، لفترات طويلة بعد ان بداء تسلل بعض الافراد والجماعات حاملة هذه الايدلوجية (وهذه الايدلوجية تحمل مفهوم مغاير تماما لمفهوم الإسلام او العروبة) إلى ديار السودانين من شمالها ، شرقها وغربها ، بعيد توقيع ما سميت بأتفاقية (البقط) إن صحت التسمية ، ونتيجة لذلك لن يكون ما حدث فى بعض الكنابي بظاهرة معزولة وسط هذا الاحتقان الذى افرزته هذه الحروب المستمرة فى هذه البلاد منذ توالي سقوط الدويلات المسيحية فى ارض السودان واخرها مملكة سوبا . فقد تكررات هذه الحوداث فى مناطق عدة فى كافة أنحاء السودان وفى حقب وأزمان مختلفة ، ولم ولن تزول وتختفى هذه الظواهر المتكررة لا بانتفاء وزوال المؤثر والدافع الحقيقى لحدوثها ؟ . وتشير بعض المؤاشرات والتداخلات والإفرازات التراكمية للوعى الفردى والجماعى المتنامى وسط شعوب السودان إلى انه ومن المتوقع والممكن ان تكون هذه الحرب المشتعل أوارها الآن هي دق آخر مسمار فى نعش جل اسباب ، مأسيّ ومواجع هذا البلد المنكوب تاريخيا؟ . ويكون ذلك بأجتثاث جذور (السلطات الإدارية السياسية للنخب والصفوة فى هذا البلد وإلى الأبد).
إذما تعلمنا الدرس من ماضينا البغيض ، واستثمرنا ما أظهرته لنا هذه الحرب بان لا أحد بأفضل من الآخر ولا أحد بمنجا من ويلات الحروب وفظائعها ، وان افضل الطرق للأمن والسلام هو التفاهم والتعارف واحترام الاخر وحقوقة وبسط العدل ورفض الظلم بكل اشكاله والحرية للجميع . وان الحوار هو القوة الوحيدة القادرة على إطفاء نيران الحروب وخلق واقع يسمح بتلاقى الأفكار والآراء إلى حد وسط يلبى تطلعات وطموحات كل الفرقاء. وان هذا الوطن يسعنا جميعا إذا ما حكمنا العقل والراى السديد . وتوقفنا عن الاستهبال السياسى والانتصار للذات الفردى والحزبى من اجل المصلحة العامة والثوابت الوطنية ، لقد اثبتت لنا هذه الحرب ان الكل مستهدف شاء ام أبى ، وأن الدرع الحصين الواقي من و ضد هذه الاستهدافات هو التعاضد والتلاحم . وأن الخلل فى هذا البلد قديم ومستشري بقدم هذه الارض وأن الكل ساهم فى صنع هذا الضعف والفشل بغض النظر عن النسب ! وعلينا جميعا أن نعمل على اصلاح هذا الوضع الذى أذاقنا الحنظل المر والهوان حتى أطمع الآخرين وان كانوا ضعفاء بالتجرؤ على غزونا وطردنا والاستيلاء على ارضنا والاستئثار بمقدراتها ، دون ان برمش لهم جفن او يشوبهم شك فيما هم قادمون عليه . لا أميل إلى التخوين وان أزادوا وكثرت أعداد العملاء ، واراء من المصلحة احترام وعدم التخوف من من هو يفكر ونبذ والتخوف من من هو تابع منقاد ، فصاحب الفكر يدرك الخطاء من الصواب لانه يستعمل عقله وبذلك فهو اجدر بالاحترام بغض النظر ان اتفقنا او اختلفنا معه فى فكرته أو فكره ، اما التابع المنقاد فهو يسير دون استخدام عقله انما يبدو يتغلب عليه هاجس كيفئة إشباع رغباته الخاصة ممهما كأنت الوسائل والطرق دون تفكير فى توابع ذلك ان كبرت او صغرت وهذا ما يشكل العامل الذى يخيف الاخرين منه وهذا النوع من البشر دوما طموحاته اكبر من امكانياته .وأمثال هؤلاء هم من علينا خشيتهم والحذر فى التعامل معهم سواء كان فى شأن خاص او شأن الوطن . لقد أصبح هنالك فرز سياسي جديد واضح المعالم في المشهد العام الذي نعيشه الآن ، وهو ما سينتج قوى سياسية جديدة على الساحة السودانية وهذه ليست رغبات انما هي ما أملته ضرورة المرحلة ، وفرضه الواقع السياسي الاجتماعى خلال تفاعلاته أثناء فترة انتفاضة ديسمبر مرورا بكل التحولات إلى اندلاع الحرب ومازال مستمرا إلى يومنا هذا وفى لب هذه التفاعلات يتشكل واقع سياسي جديد لا ندرى متى يرى النور . ويمكننا ان نحدث بعض التأثيرات فى تشكيله إذا استوعبنا متطلبات المرحلة بموضوعية واقعية . فعلى الذين يملأون مساحات وساحات الفضاء الاسفيرى (السوشيال ميديا) بالضجيج والعويل على ضحايا مجزرة احد كتابى الجزيرة ، عليهم التوقف عن ذرف دموع التماسيح من أجل كسب سياسي رخيص ؟ واستهبال سياسي مستهجن . أن كانوا فعلا جادين حقا ويهمهم أنسان الكنابى سواء أن كان فى الجزيرة او أي ولاية آخرى ان يصدقوا فى نواياهم ، ويعملون من أجل القضاء على الاسباب الحقيقية التى تقود وقادت إلى ما تم من جرم عظيم ، والجميع يعلم ويدرك المسببات ، فالحل والخلاص من هكذا موبقات ليس بالعويل والصراخ والاستنكار الكاذب قصير الأجل ، لنيل مكاسب سياسية وقتية رخيصة ، بل فى الإيمان الصادق والعمل الجاد لى حل جذور الأزمة السودانية وقيام دولة المواطنة المتساوية والحقوق الكاملة والعدالة الشاملة والحرية و السلام بذلك تحقق شروط الدولة التى تسعنا جميعا .