د. عمر القراي : الحكومة البديلة.. ما لها وما عليها!! (2-2)

(قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ ۖ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا)

صدق الله العظيم

 

(1)

لقد ذكر د. التعايشي، أنهم سيقيمون الحكومة البديلة، في مناطق سيطرة الدعم السريع. وأنهم يجرون حواراً، وتفاهماً، مع الدعم السريع، ومع الحركات المسلحة، ومع الأحزاب، والتنظيمات، لتحقيق اجماع وطني، يدعم هذه الحكومة البديلة. على أن المسؤولية السياسية، والوطنية، والأخلاقية، تحتم عليهم أن يميزوا بصورة واضحة، بين موقفهم، وبين موقف “تقدم” من الدعم السريع، قبل أن ينشئوا حكومة في مناطق سيطرته، لا بعد ذلك.

منذ بداية الحرب، أعلنت ” تقدم” موقفها، من أن هذه حرب بين الجيش والدعم السريع، يروح ضحيتها الشعب السوداني، وهو ليس طرفاً فيها. وأن ” تقدم” تدين كلا طرفي الحرب، وتشجب انتهاكات الطرفين، وتدعوهما للجلوس للتفاوض، وإيقاف الحرب. وهي ترى أنها في موقفها هذا، ليست محايدة، وإنما منحازة الى الشعب السوداني، لا الى أي من طرفي الصراع. ولعل هذا التوصيف للواقع، وما بني عليه من موقف، كان مقبولاً في الأيام الأولى للحرب، حيث لم تكن الصورة واضحة، كما هي الآن. أمام الآن، فإن موقف “تقدم” خاطئ!! لأن توصيفها للمشكلة خاطئ. فلقد وضح أن الحرب ليست بين الجيش والدعم السريع. فالدعم السريع صنعه الجيش، ودعمه، ووقفا معاً، كل المواقف المشتركة ضد الثورة، حتى انقلاب 25 أكتوبر 2021م، ثم وقعا معاً، على الاتفاق الإطاري، الذي يقوم على إبعاد العسكريين من السلطة، وقيام حكومة مدنية ديمقراطية. هنا توعدت الحركة الإسلامية بإيقاف الاتفاق الإطاري، بعد أن وجهت البرهان للنكوص عن توقيعه. ولكنها لم تستطع اقناع حميدتي، بالوقوف خلفها مع البرهان، لأنه أصر على الاستمرار في الاتفاق الإطاري، ودعم الحكومة المدنية الديمقراطية. فما كان من الحركة الإسلامية، إلا أن هجمت بكتائبها، والعسكريين الإسلاميين، على الدعم السريع، للقضاء عليه في ساعات، ثم الغاء الاتفاق الإطاري، وإعادة اللجنة الأمنية للبشير لنظامه، الذي أطاحت به ثورة الشعب. ففي هذه الحرب، الجيش السوداني ليس هناك. وإنما مجموعة اللجنة الأمنية لنظام البشير، وعسكريين إسلاميين، وكتائبهم، تقاتل من أجل إعادة النظام البائد. والدعم السريع، وهو يقاتل دفاعاً عن وجوده، واصراره على دعم نتائج الثورة الشعبية، وهي المطالبة بالحكومة المدنية. هذا هو التوصيف الحقيقي للحرب، والذي ظهر للسودانيين، حين رأوا كيف أن الاخوان المسلمين، يحرضون، ويكونون المعسكرات، ويصرحون بأنهم هم الذين يقودون الحرب لا الجيش. وكيف أنهم يرفضون كل مبادرات السلام، بعد أن يوافق عليها البرهان، وآخر تصريحاتهم في هذا الصدد، ما قاله قائد كتيبة البراء، عن رفضهم لأي تفاوض، عندما أعلن البرهان موافقة حكومته على الوساطة التركية. فإذا كانت هذه هي حقيقة الحرب، فإن الانحياز الى الشعب، والى ثورته، إنما يكون بالوقوف الى جانب من يرفض عودة نظام المؤتمر الوطني، الذي اسقطه الشعب، ويصر على الاتفاق، الذي يقود الى حكومة مدنية ديمقراطية. ولأن الداعين الى قيام الحكومة البديلة، جزء من “تقدم”، فإن تصحيح موقف “تقدم” هذا، يجب أن يسبق اقامتهم للحكومة.

وقبل إقامة الحكومة البديلة، لابد من السعي العملي، لنزع الشرعية من حكومة البرهان. ولقد سبق أن ذكرت “تقدم”، في أحد مؤتمراتها، أنها ترى أن حكومة البرهان غير شرعية، فيمكن إذاً أن تسعى لإظهار ذلك للعالم، ومخاطبة الأمم المتحدة بهذا الشأن. ومعلوم أنه ليس هناك أمراً واضحاً في ميثاق الأمم المتحدة، أو قوانينها، ينص على نزع شرعية أي حكومة. ولكن يمكن ارسال خطاب للأمم المتحدة، يشير الى المادة 6 من الميثاق، والتي تقرأ (يجوز للأمم المتحدة أن تفصل عضواً من أعضائها إذا صدر عن هذا العضو انتهاك جسيم ومتصاعد للمبادئ التي يتضمنها هذا الميثاق ويتم الفصل بناء على توصية من مجلس الأمن وبقرار من الجمعية العامة) والمطالبة بفصل، أو تجميد عضوية حكومة السودان. ومع أن هذا الأمر، من الصعب تحققه، لأن دولاً مثل روسيا، سوف تعرقله في مجلس الأمن، إلا أن أثره السياسي، والإعلامي، والتوعوي لشعبنا كبير. ثم أن نفس المذكرة، أو صورة قريبة منها، يمكن أن ترسل الى الاتحاد الأوروبي، والاتحاد الافريقي، والايقاد، ومنظمات حقوق الانسان.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.