عبد الرحمن الكلس: من سلسلة الأنامل العاهرة: الصحفي مزمل والرائد حسن!

من سلسلة الأنامل العاهرة: الصحفي مزمل والرائد حسن!

 

 

اليوم هو الأول من العام الجديد 2025، ولم يتبقَّ سوى أربعة أشهر وبضعة أيام لتُكمل الحرب في بلادنا عامها الثالث. عامان إلا أربعة أشهر قد انقضت منذ صبيحة ذلك اليوم الذي أطلقت فيه كتائب الحركة الإسلامية وميليشياتها، بالتعاون مع ضباطها داخل الجيش، الطلقة الأولى على قوات الدعم السريع في المدينة الرياضية، لتشعل حربًا مدمرة على الشعب السوداني، ما زالت نيرانها مستعرة حتى هذا اليوم.

 

عامان مضيا، ولم نسمع خلالهما سوى أكاذيب الجماعة التي أشعلت الحرب وأبواقها، ولم نشهد فيهما سوى جعجعة بلا طحن، مع مساعٍ مستميتة لتزييف التاريخ وتحريف الواقع، وبناء أوهام عن عودة الكيزان إلى الحكم عقب “الانتصار” على قوات الدعم السريع. وهي أوهام لا تقل بؤسًا عن أوهام وأحلام عبد الفتاح البرهان المدمرة حول الحكم!

 

وليس بعيدًا عن الأوهام والأكاذيب، كذلك برعوا في كتابة سيناريوهات ركيكة، يصوغها مؤلفون ضعيفو الثقافة والخيال، كما الذاكرة، فتتهاوى رواياتهم الهشّة سريعًا ليتم استبدالها بروايات أخرى أكثر عهرًا وهزالًا، مثل رواية الذكاء الاصطناعي (AI) – ويطلقون عليه “الصناعي” – وقد حوّلوه في رواياتهم البائسة إلى “خالق” – والعياذ بالله – يخلق إنسانًا من لحم ودم، يسير بين الناس، يسافر، ويقابل الرؤساء! وهو ما عجز عن تحقيقه “إيلون ماسك”، مطوّع الذكاء الاصطناعي وصانع الروبوتات العظيم، فصنعه الكوز، وهو جهول كذوب!

 

هذا الإسراف في الكذب وترويج الروايات الركيكة أدى، مع التكرار الممل في سيناريوهات التضليل ضعيفة الحبكة التي سرعان ما تتكشف حقيقتها، إلى نتائج عكسية وسط مجموعاتهم المستهدفة من العوام والبسطاء المؤيدين للحرب، ممن عُرفوا بجماعة “البلابسة”، فزادتهم جهلًا على جهلهم، وخلقت في نفوسهم إحساسًا عميقًا باليأس والضياع، مع شعور بالعزلة والتوحّد، وأصبحوا أقل تفاعلًا مع حذر شديد واضح بلغ حد العزوف عن ترويج وترديد المحفوظات رديئة الصنع كما كان في السابق.

 

كتّاب ومؤلفو الضلال، صُنّاع السيناريوهات الرديئة، جميعهم يتلقون تعاليمهم كما امتيازاتهم من الأمن الشعبي الناشط بين إسطنبول والدوحة في هذه الفترة، ومنهم من هو فاجر وعاهر، ومنهم من هو مستتر يعمل في الخفاء في فريق الإعداد، مثل (خالد التيجاني) ذلك القصير المكير – وله حكايات منذ أيام المجلس العسكري يجب أن تُروى، سنرويها منفصلة -، وقائمة هؤلاء طويلة، وأبرزهم بلا تسلسل في سلسلة الأنامل العاهرة: ضياء الدين بلال، عادل الباز، الطاهر ساتي، الهندي عز الدين، محمد عبد القادر، أسامة عيدروس، الخبراء الاستراتيجيون، سفيرهم في ليبيا. وأما آخر من يحضرني هنا، وهو ليس آخرهم ولكنه أقذرهم، فهو مزمل أبو القاسم، الملقب بـ”مزمز”، وهو موضوعنا اليوم.

 

مزمل هذا، كتب منشورًا بالأمس حاول فيه نسج أكاذيب جديدة للإيحاء بأن من أطلق طلقة الحرب الأولى هي قوات الدعم السريع، لا جماعته الإجرامية. حكى فيه أنه قد التقى مع زميله الطاهر ساتي بضابط يحمل رتبة رائد يُدعى حسن، وأرفق صورة تجمعهم. قائلاً إن هذا الضابط حكى لهما أنه ذهب إلى المدينة الرياضية في أول يوم للحرب ليطلب من قوات الدعم السريع (الدعامة) وقف القتال، لكنهم أطلقوا عليه النار وأصابوه في يده، وقتلوا سائقه، وهو ضابط برتبة ملازم أول.

 

هذه القصة الضعيفة السخيفة تذكرنا بحكاية من حكايات الأطفال عن الدبّة التي قتلت صاحبها، إذ نسفت روايته نفسها بنفسها قبل أن تقف على ساقيها وأصبحت رمادًا تذروه الرياح، وأصبح هو أضحوكة بين شعوب الأسافير، الذين طرحوا عليه سؤالين منطقيين: الأول، من هو الرائد حسن هذا؟ ولماذا كان في المدينة الرياضية، وهي معسكر معروف لقوات الدعم السريع؟ وكيف يُعقل أن يذهب رائد لإصدار أوامر لقوة يقودها عميد؟ والسؤال الثاني، في أي جيش في هذا العالم يعمل ضابط برتبة ملازم أول سائقًا لضابط آخر برتبة رائد؟ وقال له أحدهم ساخرًا إن سائق عبد الفتاح البرهان، القائد العام للجيش، هو عسكري برتبة رقيب، فكيف يكون سائق الرائد ملازمًا أول؟ وبهت الذي كذب.

 

ما أردتُ من هذه القصة إلا تقديم نموذج طازج عن السيناريوهات الركيكة التي ظل إعلام الأمن الشعبي يروّجها طوال العامين الماضيين. ولا يزالون مستمرين في أكاذيبهم، حتى في العام الجديد. ولكن، ما ضرّ القافلة نباح الكلاب؛ فمزمل ورهطه مثل الكلاب الضالة على الطريق السريع، قد يعطّلون السير مؤقتًا، لكن يظل الطريق هو الطريق. ومهما طالت المسافة، سيظل فجر ديسمبر هو الحتمي والموعود، ولابد من الديمقراطية وإن طال السفر.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.