علي يس يكتب: الاعتراف مقابل التقسيم!!!

 

أصبح واضحاً وضوح الشمس ، لدى كل من يملك مثقال ذرة من عقل ، أن صفقة إجرامية خبيثة يجري إنفاذها باسم (المجتمع الدولي) ما بين الإدارة الأمريكية و أذيالها في الاتحاد الأوروبي ، من ناحية ، و بين قيادات الحركة المتأسلمة في السودان و مندوبها البرهان. تلك الصفقة تنص على أن تعترف الإدارة الأمريكية بحكومة “بورتسودان” الانقلابية البائسة ، في مقابل أن تتحذ حكومة البرهان الخطوات اللازمة لتحقيق المخطط الصهيوني القديم القاضي بتقسيم السودان إلى خمس دويلات.
و هذا التقسيم على أرض الواقع لا يحتاج إلى إعلان ، بل تكفيه مجرد إجراءات شرع فيها البرهان فعلياً بمجرد عودته من زيارته الأخيرة إلى أميريكا (و التي ظل ما دار فيها سرا لا يطاله الإعلام) مثل تغيير العملة الوطنية في مناطق سيطرة الحركة المتأسلمة ، و مثل إجراء امتحانات الشهادة السودانية في ذات المناطق، دون الأقاليم التي يسيطر عليها مقاتلو الدعم السريع ، و قد سبق تلك الإجراءات تمهيد إعلامي مخطط له بدقة عالية ، تمثل في إعلاء النبرة العنصرية و التمييز الجهوي الهادف إلى إشعال الفتن بين مكونات المجتمع السوداني ، كل ذلك مصحوباً بإجراءات جانبية من قبيل “قانون الوجوه الغريبة” و حظر استخراج الأوراق الثبوتية و وثائق الهوية لمواطنين من جهات بعينها!!!..

المراقب لمجرى الأحداث منذ هرولة البرهان إلى العاصمة الأوغندية للقاء نتنياهو ، بتعليمات مباشرة من قيادة الحركة المتأسلمة ، مروراً بانقلاب أكتوبر الذي جاء تحت (ضوء أخضر امريكي شديد اللمعان) صبيحة مغادرة مندوب أمريكي رفيع جلس إلى قائدي الانقلاب و طمأنهما إلى غض الإدارة الأمريكية الطرف عن “الشؤون الداخلية” لأصدقاء إسرائيل الجدد ، ثم وصولاً إلى الاتفاق الإطاري (الذي كان عملاً نبيلا خطط لإنجاز نتائج خبيثة “و هذا أمر يحتاج شرحه إلى مقالة منفصلة”) و انتهاء بالحرب و جحيمها ، المراقب لتسلسل الأحداث هذه بترتيبها الزماني لن يندهش أبدا من موقف أميريكا (نصيرة الديمقراطية و عدوة الانقلابات العسكرية ، و حبيبة الحكم المدني) تجاه الحكومة الانقلابية في السودان.

لقد كان تاريخ التطبيع مع إسرائيل هو المنعطف الأخير في مخطط تقسيم السودان ، الذي هو – كما أكد الأستاذ خالد عمر – مخطط لجهات خارجية ، يجري تنفيذه بأيدي سودانية. و لكن الأيدي السودانية التي يجري على يدها تنفيذ المخطط القديم و الخبيث ، تفعل ذلك بثمن تافه و زهيد ، يتمثل في استئثارها بكراسي السلطة و لو في قرية منعزلة في طرف من أطراف البلاد!!!…
يجب على كل فرد من أفراد هذا الشعب المغيب بالتشريد و النزوح و اللجوء و الإرهاب و التجويع ، يجب عليه مواجهة ما هو أسوأ من كل ما مر به: إزالة السودان من على الخارطة ، و بأيدي أقذر و أخون و أنذل من حمل الهوية السودانية!!!..

يجب على الجميع أن يفقهوا أن اعتراف الأمريكان و أذيالهم في الغرب و الشرق بحكومة عملاء اسرائيل في بورتسودان يقابله ثمن باهظ ، هو تقسيم السودان.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.