إبراهيم مطر يكتب: فرية الكباشي الكبرى في توقف الجيش عن تسليح الدواعش .. من يسلح من؟
فرية الكباشي الكبرى في توقف الجيش عن تسليح الدواعش .. من يسلح من؟
إبراهيم مطر
قبل أن ينهال سيل المُسيرات على عاصمة “الدواعش” في بورتسودان، والتي ظنوها حصينة كونها تقع في ذلك الشرق البعيد، كان الحدث الأبرز في السودان هو “شحنة الأسلحة” التي ضُبطت في إحدى مطارات الإمارات العربية المتحدة. وبنظرة سريعة على قائمة أسماء “الضالعين” في هذه الصفقة المشبوهة، يتضح لك أن الحركة الإسلامية هي من تسلح الجيش الآن وليس العكس، باعتبار أن القائمين على أمر التسليح هم من رموز الحركة الإسلامية المعروفين، وعليه يصبح حديث الكباشي عن توقف الجيش عن تسليح الجماعات المسلحة والكتائب الجهادية المتحالفة، هو قول يبعث على السخرية، وكان من الطبيعي أن يرد عليه قائد كتيبة “البراء بن مالك” في نبرة متحدية قائلاً: “نحن ما شايفين زول أرجل مننا”، فبهت الكباشي ولم ينبس ببنت شفة، وهو ما يتوافق مع وضعه وحجم نفوذه في تراتبية سلطة بورتسودان، التي تسبح بحمد ولي الله الفقيه “علي كرتي”، ورهطه من الملتحين القتلة.
وكان النائب العام في دولة الإمارات “حمد سيف الشامسي” قد أعلن إن أجهزة الأمن في الدولة تمكنت من إحباط محاولة تمرير كمية من العتاد العسكري إلى القوات المسلحة السودانية، وذلك بعد القبض على أعضاء خلية متورطة في عمليات الوساطة والسمسرة والاتجار غير المشروع في العتاد العسكري، دون الحصول على التراخيص اللازمة من الجهات المختصة.
وأوضح النائب العام، أن الخلية ضمت المدير السابق لجهاز المخابرات السوداني صلاح قوش وضابطاً سابقاً بالجهاز، ومستشار وزير المالية السابق، وسياسياً مُقرب إلى عبد الفتاح البرهان وياسر العطا اتضح أنه الفاسد “أحمد ربيع”، وعدداً من رجال الأعمال السودانيين، وأنهم أتموا صفقة عتاد عسكري شملت أسلحة من نوع “كلاشنكوف”، وذخائر، ومدافع رشاشة، وقنابل، بقيمة تجاوزت ملايين الدولارات، تم تمريرها من الجيش السوداني إلى الشركة المستوردة داخل الدولة باستخدام طريقة “الحوالة دار” من خلال شركة مملوكة لأحد أعضاء الخلية الهاربين، يعمل لصالح القوات المسلحة السودانية، بالتنسيق مع العقيد “عثمان الزبير” مسؤول العمليات المالية بالقوات المسلحة السودانية، بعد اصطناع عقود وفواتير تجارية مزورة تثبت -على خلاف الحقيقة – أن الأموال مقابل صفقة استيراد سكر.
وتم ضبط حصة المتهم صلاح قوش، من هامش الربح مع المتهم خالد يوسف مختار يوسف، الضابط السابق بجهاز المخابرات السودانية ومدير مكتب صلاح قوش سابقًا.
وكشفت التحقيقات كذلك عن وجود عدد من الشركات المملوكة لرجل أعمال إخواني سوداني الأصل أوكراني الجنسية، من بينها شركة تعمل داخل الدولة، شاركت في توفير احتياجات الجيش السوداني من أسلحة وذخائر وقنابل وطائرات بدون طيار، وهي مدرجة ضمن قوائم العقوبات الأميركية.
وبعد الكشف عن كل هذه الحقائق ودفعة واحدة عمن يدير صفقات السلاح، ومن يحدد السعر ويحول الأموال، وكذلك من “يستف الورق”، ومعظمهم رموز بارزة في تنظيم الحركة الإسلامية، ومسؤولون سابقون في حكومة المؤتمر الوطني سيئة الصيت والسمعة، يطل السؤال البديهي برأسه “من يسلح الجيش السوداني اليوم”؟ أليست تركيا عبر الإخوان؟ أو إيران عبر الإخوان؟ وبتمويل قطري لا يمر إلا عبر الإخوان؟ فكيف ينزع الكباشي سلاح من وفر له السلاح ابتداءً؟ وأنت تنظر فتجد أن الأمر لا يعدو كونه تمثيلاً يائساً من التصديق، يستبطن عجزاً عن السباحة عكس تيار دواعش السودان، وتتيقن من أن التنظيم العالمي لإخوان الشياطين، ممسك بتلابيب ما تبقى من المؤسسة العسكرية في السودان بالكامل، لا تستطيع منه فكاكاً وإن أرادت.
وعلى طريقة المطرقة والسندان يجد الإخوان أنفسهم تحت ضغط الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي”، خديوي الدواعش الذي يصدر التعليمات بإخفاء قذارتهم تحت سجادة البزة العسكرية بدلاً عن تنظيفها، وإبعاد رموز المجرمين ممن شهد العالم بإجرامهم من المشهد، على أن يكونوا وكلاء للسلطة “من الباطن”، ويصعد إلى السطح من لا علم للسودانيين بجرائمه من عضوية الإخوان.
ومن هنا جاءت محاولة الكباشي لإثارة الغبار حول العلاقة العضوية بين قيادة الجيش الحالية والدواعش، لكن الفشل كان من نصيب محاولته الخجولة تلك، كونها جاءت بعد أيام قليلة من تعيين مدير مكتب علي كرتي “عمر الصديق” وزيراً للخارجية، والإخواني الأشهر “دفع الله الحاج” رئيساً للوزراء. بل أن عدداً من أبواق الحركة الإجرامية باتت تتحدث عن تجميد أو حل مجلسي السيادة والوزراء “الشكليين”، وترك الأمر لمجلس الأمن والدفاع الكيزاني، أي نزع سلاح الكباشي لصالح إخوان الشياطين، فبأي آلاء ربكما تكذبان.