الهادي إدريس: الحرب في السودان لن تنتهي إلا بهزيمة الحركة الإسلامية

قال رئيس حركة جيش تحرير السودان-المجلس الانتقالي، الدكتور الهادي إدريس، إن إنهاء الحرب في السودان لن يتم بالانتصار العسكري، بل عبر اتفاق سياسي شامل، وهزيمة مشروع الحركة الإسلامية السودانية “الإخوان المسلمين”، الذي سيمهد لبناء دولة حديثة قائمة على الحرية، والديمقراطية، والعدالة، والمواطنة المتساوية.

وأضاف الهادي إدريس، في مقابلة مع “إرم نيوز”، أنه “للأسف، تدخل حرب 15 أبريل/ نيسان، عامها الثالث دون أن تلوح في الأفق بوادر لحل يوقف معاناة السودانيين”.

أزمة هيكلية عميقة

وأوضح الهادي إدريس، “تتميز هذه الحرب عن سابقاتها باعتبارها ليست الحرب الأولى في تاريخ السودان، والتاريخ السياسي للبلاد منذ الاستقلال هو تاريخ من الحروب وعدم الاستقرار السياسي، ما يدل على أزمة هيكلية عميقة في بناء الدولة الوطنية”.

وذكر أن السودان بلد متعدد ومتنوّع إثنياً ومناخياً، غير أن الآباء المؤسسين لم يحسنوا إدارة هذا التنوع، بل اعتبروه نقمة، وكانت النتيجة الحتمية هي استمرار الحروب.

وأكد الهادي إدريس، رئيس الجبهة الثورية، وقائد فصيل رئيس في “تحالف السودان التأسيسي”، أن الحرب الحالية أشعلتها عناصر “النظام البائد” بقيادة الحركة الإسلامية، في محاولة للعودة إلى السلطة مجدداً.

مشروع تفتيتي

وأضاف أن الحركة الإسلامية أثبتت عبر تجربتها الطويلة أنها لا تملك مشروعاً لبناء وطن موحد، بل مشروعها هو التفتيت، كما حدث بفصل جنوب السودان، وتدمير البلاد بالحروب العرقية والدينية.

وقال: “طالما بقيت الحركة الإسلامية مسيطرة على مفاصل المؤسسة العسكرية والسلطة في بورتسودان، ستستمر الحرب، وأرى أن مسارها سيتغير إيجاباً فقط عبر هزيمة مشروع الحركة الإسلامية التفتيتي”.

واعتبر قائد حركة تحرير السودان أن تصريحات قادة الجيش حول أن استعادة العاصمة الخرطوم تعني نهاية الحرب “مجرد حديث للاستهلاك السياسي”. وتاريخ الحروب في السودان يُثبت أن المعارك لا تحسم الحرب.

 

إطالة أمد الحرب

وقال الهادي إدريس “في مطلع تسعينيات القرن الماضي، انتصرت الحركة الإسلامية على الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان، بقيادة الراحل الدكتور جون قرنق، في عدة معارك، واحتفلت بانتهاء التمرد، لكنها اضطرت بعد سنوات قليلة للجلوس إلى طاولة المفاوضات بعد أن استعاد الجيش الشعبي زمام المبادرة”.

ورأى إدريس أن التصعيد العسكري الحالي من قبل الجيش سيقابل بتصعيد مضاد، مما سيؤدي في النهاية إلى إطالة أمد الحرب، وزيادة معاناة الشعب السوداني.

وبشأن عزم “تحالف السودان التأسيسي” على تشكيل “حكومة السلام والوحدة”، قال إن تشكيل الحكومة أداة أساسية لتحقيق هدفين: أولاً، تقديم الخدمات الأساسية التي حُرم منها المواطنون بسبب سلطة الأمر الواقع في بورتسودان، مثل: التعليم، والصحة، والأوراق الثبوتية، وتوحيد العملة؛ وثانيًا، نزع الشرعية عن السلطة غير الشرعية في بورتسودان.

شرعية زائفة

وأضاف أن الحركة الإسلامية تسعى لاستغلال الواقع الحالي لفرض شرعية زائفة، لكن “حكومة السلام والوحدة” ستتصدى لهذا المسعى، وستعيد تمثيل السودان الحقيقي، مما يدفع نحو الحلول السياسية الشاملة.

وتحدث إدريس عن المبادرات الإقليمية والدولية التي طرحت بشأن وقف الحرب والتفاوض بين طرفي القتال، الجيش السوداني و”قوات الدعم السريع”، وقال: “سبق أن حاولت المملكة العربية السعودية، والولايات المتحدة الأمريكية، عبر منبر جدة، وقف هذه الحرب، لكنها فشلت بسبب سوء فهم طبيعة الحرب، وعدم امتلاك أوراق ضغط حقيقية، خاصة على الطرف المتعنت المتمثل في الجيش ومن خلفه الحركة الإسلامية”.

وأضاف أن نجاح أي مبادرة مستقبلية يتطلب تغيير منهج التعامل مع الأزمة، وتبني تفكير جديد يتناسب مع تعقيدات الوضع الراهن.

تأثير الإسلاميين

وأوضح قائد حركة تحرير السودان- المجلس الانتقالي، الهادي إدريس، أن تأثير الإسلاميين على المؤسسة العسكرية كبير جداً، فقد عملوا، خلال عقود حكمهم الطويلة، على تسييس الجيش، وإقصاء الشرفاء، واستبدالهم بكوادرهم المؤدلجة.

وقال إن قائد الجيش الحالي، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، أقر، أكثر من مرة، بخطورة نفوذ الحركة الإسلامية داخل المؤسسة العسكرية. وأضاف أنه على الرغم من أن تصريحاته كانت موجهة للخارج، فإنها تؤكد حقيقة أن قرار الجيش لا يزال تحت سيطرة الحركة الإسلامية.

وتابع: “بلا أدنى شك، الحركة الإسلامية وعناصر النظام البائد، هم المستفيدون من استمرار الحرب؛ هؤلاء لا مستقبل لهم في سودان ديمقراطي مستقر، لذلك يسعون، بكل طاقتهم، لإطالة أمد الحرب، ومنع أي عملية سياسية تؤدي إلى تحول ديمقراطي”.

وحول تصريحات قادة القوة المشتركة المتحالفة مع الجيش السوداني بشأن إجلاء المدنيين من الفاشر، قال: “المدنيون الذين أجليناهم هم أهلنا وأسرنا، كنا نسعى لتجنيب مدينة الفاشر ويلات الحرب عبر دعوتنا لإخراج الجيش و(الدعم السريع) منها”.

وأضاف: “لكن حركات الارتزاق هي من رفضت هذه الخطوة، بل حولت مناطق مدنية مثل معسكر زمزم إلى ثكنات عسكرية”. وقال: “من يتهموننا بمحاولة تهجير السكان هم أنفسهم من يستخدمون المدنيين كدروع بشرية، ويرفضون إجلاءهم إلى مناطق آمنة”.

تعقيدات الواقع

وأشار إدريس إلى أن إعلان “حكومة السلام والوحدة” لم يتأخر إذا نظرنا إلى تعقيدات الواقع والشروط اللازمة لقيام حكومة في بلد مزقته الحرب، “وأتفهم تطلع الناس، خاصة المدنيين المحرومين من أبسط الخدمات، إلى قيام الحكومة”.

وأكد أن الحكومة ستُعلن، مهما طال الانتظار، لخدمة الشعب أولًا، ولوقف المخططات التقسيمية التي شرعت فيها سلطة بورتسودان.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.