الراجح عندي أن اجتماع قيادات من حركات دارفور مع قيادات من الدعم السريع قبل يومين من مؤتمر الحركات ببورتسودان ، الخميس الماضي، الذي تم فيه الإعلان عن خروج الحركات الدارفورية عن حال الحياد ، و اصطفافها مع البرهان و جيشه، الراجح عندي أن أجندة اجتماع بورتسودان تم وضعها في اجتماع الحركات مع الدعم السريع!!..
تبدو فكرة مجنونة ، أليس كذلك ؟؟.. ولكنها الفكرة الوحيدة القادرة على تفكيك التداعيات الملغزة التي أعقبت إعلان بورتسودان، والانشقاقات الكبيرة التي أعلنها قادة في قوات مناوي و قوات جبريل و انضمامها إلى قوات الدعم السريع..
أتصور السيناريو التالي:
وجد قادة الحركات الدارفورية المسلحة أنفسهم في وضع حرج للغاية ، بعد أن اكتسحت قوات الدعم السريع مدن دارفور مدينة إثر أخرى ، فاستهدف قادة الحركات هجوم كاسح و تخوين من عناصر المؤتمر الوطني ، و شمل التخوين بالطبع البرهان نفسه ، الذي يسمح لقادة الحركات الذين يشغلون مواقع دستورية في حكومة انقلاب أكتوبر ، بالوقوف متفرجين و الدعم السريع يكتسح معاقلهم (البرهان بالطبع لا يعرف شيئا عن اتفاق إنجمينا الذي سبق توقيع اتفاق جوبا) ..
وجدت الحركات نفسها بين فكي كماشة البرهان و حميدتي ، فلم يعد موقفها المحايد يرضي البرهان “أو بالأصح لم يعد يرضي عناصر المؤتمر الوطني التي تحرك البرهان”.. من ناحية ، و من الناحية الأخرى لا تستطيع الحركات الدخول في مواجهة مع الدعم السريع ، ليس فقط بحكم اتفاقات و عهود سابقة ، و لكن حتى بحكم موازين القوى ، فقادة الحركات ، خصوصا جبريل و مناوي ، يعلمون أن ما يمتلكونه من قوات و عتاد لا يستطيع الصمود أمام قوات الدعم السريع لبضع ساعات ، ستتلاشى خلالها قواتهما و يصبح جبريل و مناوي و الآخرون بلا مخالب ولا أنياب، مجرد متسولين عند باب البرهان إن شاء أعطاهم و إن شاء طردهم..
إذن.. ما الذي يمكن فعله ؟؟ كيف يستطيع جبريل أن يحتفظ بموقعه وزيرا للمالية ؟ كيف يستطيع مناوي أن يتشبث بموقعه “الصوري” كحاكم لإقليم دارفور ؟؟ حمل الرجلان هذه الهموم الثقال و وضعاها أمام قيادة الدعم السريع ، عسى أن يجدا عندها الحل..
ويبدو أن مستشاري الدعم السريع ، المحنكين ذوي الخبرات السياسية و الأمنية و الإدارية المتراكمة ، أسعفوهم بالحل..
– ٱذهبوا إلى بورتسودان ، و اعقدوا مؤتمرا ، اشتمونا فيه و اعلنوا إنحيازكم لجيش البرهان..
– كيف ؟ أنتم تعلمون أننا لا نريد قتالكم و لا نستطيع ؟!
– و من قال إنكم ستقاتلوننا ؟!.
– و ماذا نفعل إذاً ؟ هل سيرضى البرهان أن نعلن مواجهتكم ثم نحتفظ بقواتنا بعيدا ؟
– و من قال إنكم ستحتفظون بقواتكم بعيدا ؟
– هل سنقاتلكم ؟؟!
– بل ستقاتلون معنا!!..
– إشرحوا لنا من فضلكم.. لا نكاد نفهم شيئا!!..
– سيدعو كل منكما القيادة العسكرية لقواته ، و يطلب منها أن تنتظر حتى يتم الإعلان عن إنحيازكم للبرهان ، ثم تعلن انشقاقها و انضمامها لقوات الدعم السريع.. و هكذا لن يستطيع أحد أن يلومكم ، فأنتم أردتم أن تناصروا البرهان ، و لكن قيادات قواتكم ، سيئة الأدب ، تمردت و أعلنت انشقاقها و خروجها عن طاعتكم ، فما ذنبكم أنتم ؟ هكذا سيقول الناس!!..
و هذا ما حدث ، في ما أظن ، و الله تعالى أعلم.