علي أحمد يكتب: ليلة اصطياد (الصيّاد)… سحق متحرّك كردفان بالكامل وقتل جميع قادته!
ليلة اصطياد (الصيّاد)… سحق متحرّك كردفان بالكامل وقتل جميع قادته!
علي أحمد
تعرّض متحرّك الصيّاد التابع للجيش وحركات المرتزقة المسماة بالقوات المشتركة، إلى جانب ميليشيا البراء بن مالك الكيزانية الداعشية، لأكبر هزيمة منذ تلك التي ألحقتها به قوات الدعم السريع في الخرطوم بحري الشهيرة، خلال الشهور الأولى من حرب 15 أبريل 2023.
وجاءت هذه الهزيمة عندما شرع تحالف الكيزان والمرتزقة والفاسدين، الممثّل في سلطة بورتسودان، في تسيير متحرّك عسكري يُعدّ الأكبر والأكثر تسليحًا من نوعه منذ بداية الحرب، تحت اسم (متحرّك الصيّاد)، وذلك بهدف استعادة السيطرة على بعض مناطق إقليم كردفان، والتحرّك لفك الحصار عن مدينة الفاشر، عاصمة إقليم دارفور.
وقد تمكّنت قوات الدعم السريع من سحق هذا التحالف العسكري سحقًا كاملًا، وقتلت جميع قادته الذين يديرون غرفة التحكم والسيطرة، وعلى رأسهم الكوز اللواء الركن إيهاب محمد يوسف الطيب، قائد سلاح الإشارة في الجيش السوداني بالإنابة، والقائد العسكري لمتحرّكات كردفان، ونائبه العميد الركن الدكتور محمد بخيت الدومة، والعقيد الركن صلاح عبد الرحمن، والمقدّم معتز محمد، إلى جانب عدد كبير من الضباط من مختلف الرتب، يمثلون غرفة الحرب في منطقة كردفان.
فضلًا عن مئات الجنود التابعين للجيش والقوات المشتركة (مناوي) الذين فرّوا من المعركة لاحقًا، وتفرّغوا لتصوير معدّات وآليات الجيش المدمّرة والمحروقة، مدّعين أنها تتبع للدعم السريع، في حين ما تزال جثث أفراد ميليشيا البراء متناثرة في العراء بالمئات، في مشهد يجلب الحسرة وتتفتّت له القلوب.
أن يُقتل قائد المتحرّك اللواء إيهاب، وهو إسلامي متشدّد كان ينتمي إلى جماعة أنصار السنة المحمدية (جناح أبو زيد محمد حمزة) – قبل أن ينضم رسميًا إلى التنظيم العسكري الكيزاني داخل الجيش – مع كامل طاقمه من أصحاب الرتب العسكرية الكبيرة، في غرفة العمليات والسيطرة التابعة لهذا المتحرّك، بالتزامن مع الاستيلاء على كميات كبيرة وغير مسبوقة من الأسلحة النوعية التي كانت موجودة في القاعدة العسكرية للجيش ببلدة الخوي، التي سيطرت عليها – يوم الخميس – قوات الدعم السريع، بالإضافة إلى بلدات الدبيبات والحمادي وغيرها، يُعدّ تطورًا استثنائيًا في مسار الحرب.
تمكُّن قوات الدعم السريع من تدمير متحرّك الصيّاد، الذي كان الكيزان يعوّلون عليه لتحرير الفاشر بعد بسط سيطرته على إقليم كردفان، وإفناءه عن بكرة أبيه، يُعدّ تحوّلًا دراميًا في ميزان القوة واتجاهات المعركة، ويُعتبر نقطة انطلاق نحو محاصرة مدينة الأبيض، كبرى مدن إقليم كردفان، التي تضم أكبر قاعدة عسكرية ومطارًا في الغرب الأوسط وغرب البلاد عمومًا.
وفي حال سيطرت قوات الدعم السريع عليها، فإن العاصمة – وتحديدًا مدينة أم درمان – ستكون تحت نيرانها، ما يُمكّنها من استعادة السيطرة عليها مرة أخرى وسريعًا جدًا؛ فمن يسيطر على مدينة الأبيض، تأتيه أم درمان طائعة.
كثيرًا ما نبّهنا إلى أن هذه الحرب لا تُشبه السردية التي يروّج لها الكيزان والبلابسة في وسائل التواصل الاجتماعي، ولا تلك المُتخيّلة في أذهانهم؛ بل هي حرب طويلة المدى، تمرّ بحالات صعود وهبوط، ويتأرجح فيها مؤشر القوة بسرعة، تارةً لصالح هذا الطرف، وتارة لذاك.
لكن هزيمة الخميس ليس لها مثيل أو نظير؛ فهذا المتحرّك شُرع في الإعداد له منذ الهزيمة الكبرى للجيش في مدينة نيالا قبل أكثر من عام، وسُخّرت له كلّ الإمكانيات المادية والبشرية واللوجستية والتسليحية.
وما يكشف عن أهميته هو تخصيص غرفة عمليات عسكرية يرأسها لواء ركن و(كوز أصيل)، يشغل منصب نائب قائد سلاح الإشارة في القوات المسلحة السودانية قاطبة، كما يتولّى منصب مدير إدارة المعلومات والإحصاء بالقيادة العامة للجيش، إلى جانب العديد من العمداء والعقداء وغيرهم من الرتب العسكرية الرفيعة، وقد قُتلوا جميعًا في معركة الخميس.
إن هذه الهزيمة الساحقة تُسقط الأقنعة، وتُظهر مدى ضعف التخطيط والفكر العسكري لدى الجيش الذي تهيمن عليه أيديولوجيا الكيزان، كما تكشف ضعف القدرات العسكرية لقادته، وكيف أنهم – كالمواطن العادي – غارقون في وهم الانتصارات الخيالية، وفي اعتقاد بأن الحرب قد انتهت، بينما لن تنتهي إلا على طاولة مفاوضات، كما ظللنا نؤكّد ونحثّ منذ بداية الحرب.
ما حدث أمس لم يكن مجرد تدمير لأكبر متحرّك للجيش وحركات الارتزاق المشتركة وميليشيا البراء الإرهابية، بل كان قصمًا حقيقيًا لظهر الجيش، وشلًّا كاملًا لقدراته العسكرية، وقطعًا لإمداداته، ومحاصرة لأكبر قواعده العسكرية في مدينة الأبيض، وتدشينًا لطريق العودة إلى أم درمان.
لكن المغيّبين لن يدركوا ذلك، حتى في ضُحى الغد.
النصر للشعب… والهزيمة والخزي للكيزان.
الراكوبة