علي جاد الله يكتب .. هزيمة دعاية الجوع وانسياب إجلاء المواطنين من الفاشر

 

هزيمة دعاية الجوع وانسياب إجلاء المواطنين من الفاشر

 

– علي جاد الله

 

مع بدء عمليات إجلاء ما تبقى من المواطنين في الفاشر، وخاصة النازحين الذين أجبرتهم الحركات المسلحة الموالية لبرهان على البقاء في المعسكرات التي أدخلت فيها الأسلحة والذخائر، خاصة معسكر زمزم. فقد رصدت المنظمات الدولية وجود الآليات العسكرية في المعسكر، وقد تحول إلى ثكنة عسكرية. هناك القليل من المواطنين الذين يهربون من الحين والآخر، وكانوا من العجزة والنساء، ليلاً نحو غرب المدينة لعدة كيلومترات بعيدًا عن ارتكازات الحركات المشتركة الموالية لبرهان.

إجبار المواطنين على البقاء في مناطق الحرب يعد جريمة حرب، خاصة مع التجويع المتعمد وانعدام الدواء. فقد كرست هذه الحركات وجيش برهان الدواء والمراكز الصحية للقوات العسكرية فقط، إضافة إلى ذلك يعمل قادة هذه الحركات في التجارة واحتكار السلع الضرورية في مخازن وبيعها للنازحين بأسعار لا يقوون على شرائها، ونتيجة لذلك مات عدد كبير من المسنين وأصحاب الأمراض المزمنة.

وقد حشدوا النازحين في تكية تدار بواسطة أحد أفراد المشتركة يدعى محي الدين شوقار، الذي يجمع أموال التبرعات عبر صفحته على فيسبوك، والشواهد على ذلك موجودة. قبل خمسة أيام كتب على صفحته في فيسبوك يقول: “نحن نعاني من الجوع، أرسلوا لنا جسرًا جويًا”. وبعد هذا النداء قال: “إن صابونة الغسيل بوزن 100 جرام بلغت 7000 جنيه أي ثلاث دولارات”، وقال: “إن سعر ربع كيلو الملح بـ 5000 جنيه أي دولارين”، وقال: “أخشى أن يصيبنا القمل وكثير منا لا يعرفه الآن، وكان القمل منتشرًا في دارفور قبل 30 عامًا”.

بعد إسقاط الدعم السريع لطائرة الأنتونوف في الفاشر، والتي ادعوا أنها تحمل مساعدات إنسانية، فهذه الطائرة قبل إسقاطها بثماني دقائق فقط كانت قد قصفت مدينة الكومة بأربعة صواريخ. لا يعقل أن تحمل هذه الطائرة مساعدات إنسانية وفي نفس الوقت قنابل تقصف بها الكومة.

بعد إعلان الدعم السريع والحركات المحايدة فتح الممرات الآمنة لخروج المواطنين من المدينة وتفويج النازحين نحو المدن الآمنة وتقديم المساعدات الإنسانية اللازمة لهم، وقد تداولت الوسائط عمليات الإجلاء وتقديم المساعدات بإشراف منظمات دولية ومحلية، وخلال الأيام الماضية جرت عمليات الإجلاء بصورة طيبة. ومن المهم أن تقوم المنظمات بأخذ الإفادات من المواطنين الذين كانوا قد عانوا من الإكراه على البقاء وواجهوا صنوف العذاب داخل المدينة من الضرب والإهانة والاعتقال والسجن، ولا ننسى أن هؤلاء المواطنين لهم أبناء من الشباب ما زالوا مكرهين على البقاء داخل المدينة، إما مجبرين على حمل السلاح أو مكرهين على عدم الخروج.

لقد تغيرت الصورة التي كان يعكسها مسؤول تكية النازحين محي الدين شوقر، الذي جمع ملايين الجنيهات بلا حسيب ولا رقيب. وفي فيديو صوره اليوم وخلفه مواعين الطعام من اللحوم والعصيدة والخضروات، وخلفه عدد قليل من النازحين المتبقين، وفي الفيديو قال: “لدينا ما يكفي من الطعام لمدة شهر”.

وسؤال يطرح نفسه: لماذا كان يقول “أنقذونا بجسر جوي” ثم يقول بعد أيام “لدينا ما يكفي من الطعام لمدة شهر”؟

إن قضية الجوع والحصار في الفاشر لم تكن سوى كذب تروج له الحركات المشتركة لفك الحصار عن الفاشر، وقد استخدمت المواطنين كدروع بشرية، والضغط على المجتمع الدولي لإيقاف هجوم الدعم السريع على مقرات الحركات العسكرية وجيش برهان في الفاشر.

بعد انسياب عمليات الإجلاء ليومها الخامس على التوالي؛ فبركت الحركات المشتركة البائسة بيانًا عن أن القوات المحايدة التي تعمل مع قوات الدعم السريع على إجلاء المواطنين بأنها قد تعرضت لهجوم من قبل الدعم السريع، وقد نفى ذلك رئيس تجمع قوى تحرير السودان الطاهر حجر بأنه لا صحة لهجوم الدعم السريع على قواتهم، وقال: “بل نعمل سويًا على إجلاء المواطنين، وما يحاك عبارة عن مؤامرة لوقف عمليات الإجلاء”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.