التعليم، الهوية والعملة .. هل تُهدد قرارات بورتسودان وحدة السودان..؟

 

 

يشهد السودان أوضاعاً سياسية وأمنية متأزمة انعكست على قرارات الحكومة التي شكلها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في مدينة بورتسودان، والتي أغلبها من عناصر النظام القديم ، وقد أثارت جدلاً واسعًا واتهامات بتمهيد الطريق لفصل البلاد.

يتناول هذا التقرير ثلاثة من أبرز هذه القرارات المثيرة للجدل وتأثيراتها المحتملة، وهي: تنظيم امتحانات الشهادات الثانوية في ظل النزاع، منع إصدار الأوراق الثبوتية وجوازات السفر لفئات معينة من المواطنين، وقرار تغيير العملة المحلية. كما يُسلط الضوء على ردود الفعل المتباينة من قِبل الجهات الفاعلة، من ناشطين وسياسيين، وما قد تحمله هذه الإجراءات من تهديد للوحدة الوطنية في ظل استمرار الحرب وعدم الاستقرار.

امتحانات الشهادات الثانوية:

أعلنت وزارة التربية والتعليم في بورتسودان بدء امتحانات الشهادة السودانية المؤجلة لعام 2023 في 28 ديسمبر، بينما تم تحديد امتحانات دفعة 2024 لشهر مارس 2025. قرار إجراء الامتحانات أثار جدلاً واسعًا، نظرًا لوجود عدد كبير من الطلاب النازحين، وآخرين لجأوا إلى خارج البلاد، إضافة إلى طلاب في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع التي لن تُقام فيها الامتحانات.

لجنة المعلمين السودانيين أصدرت بيانًا أعربت فيه عن قلقها من هذا القرار، واعتبرته تهديدًا لوحدة البلاد ونسيجها الاجتماعي. وأكدت أن طلاب دارفور، خاصةً في جنوبها، يواجهون صعوبات كبيرة في الوصول إلى مراكز الامتحانات بسبب التمييز أو النزوح. كما أشارت إلى أن التعليم أصبح “سلاحًا في الحرب”، معبرة عن رفضها لاستخدامه كأداة لتكريس الانقسامات.

منع إصدار الهوية وجواز السفر :

وجّه نشطاء وحقوقيون اتهامات إلى سلطات بورتسودان بمنع تجديد الأوراق الثبوتية وجوازات السفر لبعض المواطنين، خاصةً من ينتمون إلى قبائل مصنفة كـ”حاضنة” لقوات الدعم السريع. منذ بدء العمل من بورتسودان، تم تشكيل قوائم حظر تضم أشخاصًا يُشتبه في انتمائهم أو دعمهم لقوات الدعم السريع، بالإضافة إلى سياسيين معارضين للحرب ومطالبين بعودة الانتقال الديمقراطي.

هيئة محامي دارفور نددت بهذه الممارسات، واعتبرتها انتهاكًا للحقوق الأساسية والدستورية، مهددة برفع شكاوى إلى الأمم المتحدة إذا استمرت هذه الإجراءات. في المقابل، نفت وزارة الخارجية في بورتسودان صحة الاتهامات، ووصفتها بأنها دعاية مغرضة من قوات الدعم السريع. لكن شهادات موثوقة، بما في ذلك من مسؤول في إدارة الهجرة، أكدت وجود قوائم حظر، مدعومة بقرار رسمي صادر عن وزارة الداخلية.

تغيير العملة:

في نوفمبر الماضي، أعلن بنك السودان المركزي عن طرح فئات نقدية جديدة بقيمة 500 و1000 جنيه. برّر البنك القرار بمعالجة الآثار السلبية للحرب، مثل انتشار عملات غير مطابقة للمواصفات. لكن قوات الدعم السريع اعتبرت ذلك خطوة لتمهيد تقسيم السودان.

وفقًا لخبراء اقتصاديين، يأتي تغيير العملة في وقت تسيطر فيه حكومة بورتسودان على خمس ولايات فقط، مما سيحرم مناطق واسعة من البلاد من القدرة على استخدام العملة الجديدة، ويزيد من تعميق الأزمة الاقتصادية والانقسامات السياسية والشعبية.

يعكس التقرير حجم التحديات التي تواجه السودان في ظل الظروف الراهنة، حيث تتداخل القرارات مع تعقيدات الحرب والنزاع السياسي. إن القرارات المتعلقة بالتعليم، الهوية الوطنية، والعملات النقدية تُظهر خطورة الوضع، إذ قد تؤدي إلى تفاقم الانقسامات الاجتماعية والجغرافية. ولتفادي هذه التداعيات، يتعين على كافة القوى الشعبية والمؤسسات الوطنية العمل على وقف الحرب كأولوية قصوى، والتوجه نحو اتخاذ قرارات تراعي العدالة والشمولية، بما يضمن وحدة السودان وسلامة نسيجه الاجتماعي، ويعزز مسار التعايش السلمي بين جميع مكوناته.
تقرير : (بوابة السودان)

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.