أيها الشعب الذبيح: إرفع الدعم عن “الكذب”!!

علي يس

أيها الشعب الذبيح:
إرفع الدعم عن “الكذب”!!
** هل تستطيع أن تحترم أمَّةً تنقادُ للكذَّابين؟؟.. أنا والله لا أستطيع، و لا يشرفني أن أكون جزءاً من أمَّةٍ من الأغبياء(و الغباءُ أدنَى خصال من يسوسُهُ كذَّابون ينكشف له كل صباحٍ كذب أمسهم ثُمّ لا يتساءل مجرد تساؤل ما إذا كان ما سيقولونه اليوم يختلف عمَّا قالوه بالأمس؟؟ أمَّا إن انتفى غباء هؤلاء المنقادين للكذب فهم بلا شك منافقون ملعونون)..
الكذَّابُ جبانٌ يتوارى خلف كذبه فراراً من العقاب أو الإدانة ، و بعض الكذَّابين يثيرون التقزز بغباء أكاذيبهم (و أفصح مثال لهذا الغباء المقترن بالجبن قولة البرهان ، بعد أربع سنين من الحادثة ، أن من فض اعتصام القيادة العامة هو حميدتي!!..) .. و أين كنت أنت حينها أيها الجبان الرعديد الكذوب؟؟ ألم يكن حميدتي و قواته تحت إمرتك يومها ؟؟ ألم تلزم الصمت الخبيث حين قال الكباشي : “حدث ما حدث”!!.. المغفلون وحدهم هم الذين لا يعلمون أن مذبحة القيادة تمت بأمرٍ مباشر منك ، تحت سمعك و بصرك و ضحكاتك.. فأنت أعدى أعداء هذا الشعب و ليس حميدتي ، و مهما كان الرأي في حميدتي فإن أعداءهُ ، فضلاً عن أصدقائه ، يشهدون بأنه يمتلك من الشجاعة و من الرجولة ما يحول بينه و بين الكذب ، لم يكذب في خبرٍ و لم يكذب في عهدٍ قطعه على نفسه، خيراً كان أو شرَّاً، و هذا وحده يجعله جديراً بالاحترام ..
كنا دون العاشرة من العمر ، حين طالعنا ، وتأملنا – في كتاب المطالعة بالمدرسة الابتدائية آنذاك – قصة “محمود الكذاب”.. و لم نجد عناءً ، ونحن في تلك السن الباكرة ، في إدراك مغزى القصة البسيطة تلك ، فقد كان التربويون العظام الذين يضعون المناهج التعليمية والتربوية آنذاك ، (و هم قامات يكفيها شرفاً أن من بينها رجال كالعلامة الراحل البروفسير عبد الله الطيب ، و الدكتور أحمد الطيب ، والدكتور صلاح الدين المليك، و آخرون أعلام لا تتيح المساحة ذكرهم) يعرفون تماماً ما يفعلون ، و كان بينهم علماء “دين” حقيقيون (لم يحملهم الاغترار بعلمهم على تسمية أنفسهم “هيئة علماء السودان” أو “رابطة العلماء الشرعيين” ، أو غيرها من التسميات المغرورة ، فعلماء ذلك الزمان كانوا يعلمون أن الإدلال بالعلم هو من أعظم شواهد الجهل) .. و لكن ما “فات” على أولئك العلماء الحقيقيين ، أدركهُ طائفة من المتنطعين في زماننا الأغبر هذا ، الذين حين يقدم أحدهم نفسه في أي محفل أو مجتمع ، يذكر لقبه العلمي أولاً ، و ربما قدم نفسه بصفة “عالم” …
المتنطعون هؤلاء ، قالوا إن العلماء الذين وضعوا المناهج التربوية و التعليمية السابقة ، و مرروا من تحت أقلامهم حكايات المطالعة من أمثال “محمود الكذاب” و “طه القرشي في المستشفى” و غيرها من القصص ذات المغزى بالنسبة لصبيان دون العاشرة ، قالوا إن أولئك العلماء إما أنهم “خبثاء ، ماسونيون ، متآمرون ، طاعنون بمكرٍ و دهاء في ديننا” ، أو أنهم مغفلون تركوا الإنجليز والصهاينة يضعون المناهج لتلاميذنا !!..
كيف هذا يا شيخ ؟؟ قال قائلهم : أنظروا “طه القرشي” هو سيدنا رسول الإسلام ، محمد صلى الله عليه وسلم ، والإنجليز أرادوا بخبث أن يصفوه بأنه “مريض” – في المستشفى – ، و محمود – القول لعباقرة الزمان هؤلاء – هو اسمٌ ايضاً للنبي الأكرم ، الإنجليز والصهاينة طبعاً ارادوا أن يرسخوا في أذهان ناشئتنا أن محمداً ، صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، و حاشاه ، أرادوا أن يرسخوا في أذهان النشء أنه “كذاب” حسب عقائدهم ، ولكنهم لم يستطيعوا أن يقولوها مباشرة ، فاستبدلوا “محمداً” بمحمود .. أرأيت هذه العبقرية .. (طبعاً لو كان واضعو المناهج احتاطوا لمثل هذا التفكير الوسواسي القهري المريض ، فسموا الكذاب “بابكر” أو عمر أو آدم أو عثمان أو علي أو أباعبيدة أو عبد الله ، أو إبراهيم أو أي اسم مما يتسمى به السودانيون ، لما عدموا من يرميهم بالطعن في الدين أيضاً ، فالسودانيون يتسمون بأسماء الأنبياء و بأسماء أصحاب النبي و بأسماء الصالحين !!).. ما يزعجنا في الأمر ليس مثل هذا التفكير المريض ، ما يزعجنا حقاً هو ما نتج عن مثل هذا الوسواس القهري ، إذ تم حذف أمثال هذه المواد التربوية من مناهجنا بدفع ممَّن أوهموا الناس أنهم “علماء دين .. مفكرون .. أذكياء .. لا تفوتهم شاردة و لا واردة من مؤامرات الصهاينة”.. فلم يعد ناشئتنا يتعلمون ، من خلال حكايات المطالعة السهلة البسيطة ، أشياء مثل فداحة الكذب و سوء عواقبه .. ربما صح لمن كان موسوساً كهؤلاء أن يقع في روعه أن حذف أمثال هذه القصص من منهج المطالعة ربما تم انتصاراً للكذب والكذبة ، الذين سوف يمرحون بأكاذيبهم آخر زماننا هذا ، خصوصاً و أن الناس لم يروا قط مسؤولاً كذب عليهم ، تعرض بعد انكشاف كذبه لعقابٍ أو حتى لوم!! ..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.