أعلنت الولايات المتحدة أنها ستقدم مبلغاً يصل إلى خمسة ملايين دولار لمن يسهم في القبض على متعاون سابق نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني المحلول .
أحمد هرون مطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور بين عامي 2003 و2004، بحسب وزارة الخارجية الأميركية.
وقال الناطق باسم الوزارة ماثيو ميلر في بيان، “من المهم العثور على هارون وتقديمه إلى المحكمة الجنائية الدولية للرد على الاتهامات الموجهة إليه”. وأضاف أن “هناك صلة واضحة ومباشرة بين الإفلات من العقاب على الانتهاكات المرتكبة في ظل نظام البشير، بما فيها تلك التي يتهم هارون بارتكابها، وأعمال العنف الدائرة في دارفور اليوم”.
وفي أبريل الماضي، وبعد فترة وجيزة من اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع”، أعلن هارون أنه هرب من سجن كوبر في الخرطوم مع مسؤولين سابقين آخرين في نظام البشير.
في الخامس عشر من يناير الماضي اعتقلت السلطات المصرية القيادي بالمؤتمر الوطني عبدالباسط حمزة ، ولم تصدر أي جهة مصرية بيانات رسمية بشأن ملابسات وأسباب القبض على حمزة لكن الروايات المتداولة في الصحافة ومواقع التواصل الاجتماعي حول أسباب احتجازه، تباينت.
وذكرت تقارير صحفية أن القبض على حمزة يتعلق بـ”مواجهة الفساد ومراقبة الأسواق بشأن تعاملاته في تعدين وتجارة الذهب في مصر”، بينما ذكرت صحف أخرى ومؤثرون عبر مواقع التواصل الاجتماعي أن توقيفه مرتبط “بتمويل الإرهاب”، إذ تتهمه الولايات المتحدة بتقديم تمويل إلى حركة حماس.
وبحسب مراقبون خطوة اعتقال حمزة من السلطات المصرية هدفت لمنع إسرائيل من التفكير في استهدافه داخل مصر، لا سيما وأن التنسيق بين القاهرة وتل أبيب غير وارد في ظل التوتر الذي يشوب العلاقات المصرية الإسرائيلية بسبب اتهامات متبادلة حول الطرف الذي يُعرقل دخول المساعدات إلى قطاع غزة، وآليات ضبط الأمن على محور فيلادلفيا.
وشنت وسائل إعلام إسرائيلية هجومًا على جهاز الموساد، واتهمته بالعجز عن الوصول إلى أكبر ممول لحماس، وهو عبدالباسط حمزة، على الرغم من إقامته في مصر منذ فترة، وهو فضيحة إستخباراتية كبرى.
ووصف أودي ليفي، الذي رأس في السابق (شعبة هاربون) المسؤولة عن التحقيق في مصادر تمويل التنظيمات المسلحة ومحاربتها، إفلات حمزة من المراقبة حتى السابع من أكتوبر الماضي بأنه “فشل صارخ للموساد”.
ويُنظر إلى رجل الأعمال السوداني داخل الأوساط الإستخباراتية الدولية كثاني أخطر ممول لحماس بعد زاهر جبارين، القيادي في الحركة، ووسيطها المالي لدى فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
وتريد القاهرة في هذه المرحلة مراعاة أهدافها المحلية والخارجية المتعددة، من خلال مواصلة دورها كوسيط رئيسي بين حماس وإسرائيل للحفاظ على دورها الإقليمي، واتخاذ ما يلزم حيال حماية أمنها وحدودها، وتحرص على علاقات جيدة مع واشنطن التي رصدت مبلغا ماليا طائلا لمن يدلي معلومات عن خمسة من ممولي حماس، كما ترمي إلى أنها غير منحازة للجيش السوداني ورجاله.
إذا مصر راعت مصالحها مع الولايات المتحدة عير مكترثة لتقاربها مع الإخوان السودانيين اللذين لجأوا إلى أراضيها واتخذوها منصة انطلاق لنشاطهم وبالتالي هذا يثبت نجاح الخزانة الأمريكية في تسويق خياراتها التي قبل بها أكبر حليف للجيش السوداني ، فقضية عبدالباسط حمزة لا تنفصل عن الحرب في السودان ومن يتعامل مع حماس ويمول أنشطتها من المؤكد له علاقات بالحرس الثوري الإيراني وصفقات الأسلحة بين الجيش السوداني والحرس الثوري الإيراني.
أما بالنسبة لأحمد هرون فهو أكثر نشاطاً وفعالية داخل التنظيم الإخواني ويتمتع بعلاقات واسعة مع ضباط الجيش بحكم أنه كان وزيراً للدولة بوزارة الداخلية في عهد البشير وعمل مشرفاً عن العمليات العسكرية بجنوب كردفان ودارفور ، ورغم خلافه مع رئيس الحركة الإسلامية علي كرتي إلى أنه يقفز عن الخلافات ويرجئها حتى تحقيق أحلامه وطموحه ، فهرون (براغماتي) عالي الهمة وموغل في الذاتية التي تحركه دون الإفصاح بها ، ولذلك سخر كل خبرته في التجييش والتحشيد بعد هروبه من السجن وأطلق في أول تسجيل صوتي له على حرب السودان (معركة الكرامة) وكشف بجلاء علاقة إخوان السودان باشعالها ، ومن ثم بدا ينوع في خيارات التصدي ظناً منه أن المعركة تحتاج لنفس طويل وأن الانتصار لن يكتب إلا بإتباع هذه النوع من السياسة والتلون ، ولكن خانت هرون ذاكرته فالرجل فشل في القضاء على الحركات المسلحة في دارفور وكانت كل عناصر النصر متوفره أمامه وعلى مد بصره ، فكيف له أن يدير معركة من وراء جدر يتحرك بـ(التكتك) في القضارف خلسة أو ينام في عطبرة وتساوره الهواجس بأن الخيانة تتحرك في الأسوار التي تحيط به ، ومها كانت صلابة هرون فلقد طرح أكثر من مرة لقيادته عن استعداده للمثول أمام المحكمة الجنائية ووصل لدرجة أنه في ايام السجن الأخيرة مشاورة بعض زملائه القضاة بالتسليم طوعاً للمحكمة ..الآن ضاف الخناق وبلغت القلوب الحناجر وقد تجد الولايات المتحدة تسويق لخيارها من المطلوب نفسه.