د. أحمد موسى يكتب : من السلطة إلى الدولة – تحديات بناء السودان ما بعد الاستقلال .. هل أسس السودانيون دولة أم ورثوا سلطة؟ (١)

من السلطة إلى الدولة – تحديات بناء السودان ما بعد الاستقلال

 

د. أحمد موسى قريعي

 

هل أسس السودانيون دولة أم ورثوا سلطة؟ (١)

 

عندما نال السودان استقلاله عام 1956، سادت مشاعر الفخر والفرح بتحرر البلاد من الاستعمار البريطاني-المصري. لكن بعد عقودٍ من الحكم الوطني، لا يزال السؤال مطروحًا: هل أسس السودانيون دولة حديثة، أم أنهم فقط ورثوا سلطة الاستعمار دون إعادة هيكلتها؟

 

ما الفرق بين الدولة والسلطة؟

 

الدولة: كيان مؤسسي يقوم على حكم القانون، والفصل بين السلطات، ومؤسسات دائمة قادرة على تجاوز الأزمات وتغيير الحكومات دون انهيار.

السلطة: جهازٌ تنفيذيٌّ يحكم البلاد لكنه قد يفتقر إلى المؤسسات الرصينة التي تضمن استمرارية الدولة واستقلاليتها عن الأفراد أو الجماعات الحاكمة.

في السودان، يبدو أن السلطة السياسية انتقلت من أيدي المستعمر إلى النخب الوطنية دون أن تُعاد صياغة الدولة على أسس وطنية حديثة.

 

مظاهر وراثة السلطة دون بناء الدولة

 

  1. الإبقاء على الهياكل الاستعمارية: لم يتم تفكيك الأجهزة الإدارية والأمنية التي أسسها الاستعمار، بل تم استخدامها بنفس العقليات والأساليب السابقة.
  2. عدم وضع دستور دائم: منذ الاستقلال، لم يستطع السودان الاتفاق على دستور ثابت، مما جعل النظام السياسي هشًّا وقابلًا للانقلاب.
  3. الاعتماد على المحاصصة القبلية والطائفية: بدلًا من بناء دولة مواطنة حديثة، سيطرت أحزاب الطوائف والعسكر على السلطة وفق توازنات غير مستقرة.
  4. غياب مشروع تنموي شامل: استمر السودان في تبعية اقتصادية للمستعمر السابق، ولم يتم استغلال موارده لبناء اقتصاد مستقل يخدم التنمية الوطنية.

 

النتيجة: دولة بلا مؤسسات مستقرة

 

أدت هذه العوامل إلى انقلابات متكررة، صراعات داخلية، وحروب أهلية، مما جعل السودان يعاني من أزمة مستمرة في بناء الدولة.

إذن، هل ما نحتاجه اليوم هو إعادة التفكير في بناء الدولة من الصفر؟ وكيف يمكن التحول من مجرد سلطة حاكمة إلى دولة حديثة قادرة على الاستمرار؟

هذا ما سنناقشه في المقال القادم.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.